منتدى الأبيض سيدي الشيخ التربوي و التعليمي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

" وظائف المسلم في رمضان "

اذهب الى الأسفل

" وظائف المسلم في رمضان " Empty " وظائف المسلم في رمضان "

مُساهمة من طرف MHDz السبت أغسطس 07, 2010 11:58 am

السّلام عليكم و رحمة الله و بركاته


" وظائف المسلم في رمضان "


بقلم فضيلة الشّيخ :


لزهر سنيقرة الجزائري


- حفظه الله و رعاه -






الحمد لله الذي جعل للخير و الطاعات مواسم يضاعف فيها الأجر للمجتهدين و
تغفر فيها ذنوب المتقرّبين إليه مؤمنين محتسبين . و لا شكّ أن اعظم هذه
المواسم فضلاً و أكثرها بركةً و خيرًا ، شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن ،
هذا الشهر الذي قال فيه النّبي الكريم صلى الله عليه و سلم ، مستقبلاً له
و حاثًّّا أمّته أن يغتنموا فرصته التي قد لا تعود أبدًا : " أتاكم شهر رمضان ، شهر مبارك ، فرض الله عليكم صيامه " [1] .

فهو شهر مبارك أي كثير الخير عظيم الفضل ، فرض الله علينا صيامه ، فهو شهر
الصيام و الصيام أوجب وظائفه و أعظمها ، إلاّ أنّ وظائف أخرى اجتمعت معه
زادت في فضله و دلّت على بركته ، و كأنّ الله تعالى أراد لنا أن نجمع
الخير كلّه في هذه الأيّام .

فمن الوظائف التي رغّبنا فيها في هذا الشّهر :

1 – الصّدقة :

لمّا كانت الصّدقة برهانًا كما نطق بهذا الصادق المصدوق صلى الله عليه و
سلم ، برهانًا على صدق الإيمان و الاحتساب عند الله تعالى ، لا يرجو
المؤمن من ورائها إلاّ مرضاة ربّه جلّ و علا { إنّما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءًا و لا شكورًا } [ الإنسان : 9 ] .

وافق هذا الإخلاص إخلاص النيّة في الصّيام " إلاّ الصّيام فإنّه لي و أنا أجزي به " لأنّ الصّائم لا يريد من صيامه جزاءًا و لا شكورًا من الناس بل يبتغي مرضاة ربّ النّاس .

و الإنفاق من أعظم الأعمال التي وصف الله بها نبيّه صلى الله عليه و سلم
بل و التي تميّز بها في هذا الشهر كما وصفه أعرف الناس به من أصحابه بقوله
: " كان أجود الناس و كان أجود ما يكون في رمضان " لانّه شهر الجود و الإحسان ، الذي يقوّي الرّوابط بين أهل الإيمان و يزيد في الألفة بينهم .

هذا عن عموم الصدقات و الإنفاق الذي رغّبنا فيه ترغيبًا عظيمًا " إنّ العبد ليتصدّق بالكسرة تربو عند الله عزّ و جلّ ، حتّى تكون مثل أحد " [2] .

و من أخصّ صدقات هذا الشهر المبارك إفطار الصائمين ، الذي ورد في فضله و أجره : " من فطّر صائمًا كان له مثل أجره ، غير أنّه لا ينقص من أجر الصّائم شيء " [3] .

فبادر يا أخي ، و سارع إلى الخير و الإنفاق في سبيل الله بما يسّر الله لك
، و تذكّر إخوانًا لك قد أرهقهم الفقر و أثقلت كواهلهم الحاجة ، فأحسن
إليهم ، و احتسب هذا عند الله تعالى .

2 – تلاوة القرآن :

وظيفة أخرى من وظائف هذا الشهر كذلك ، و هي تلاوة القرآن ، القرآن الذي قُرنَ بهذا الشهر { شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن } [ البقرة : 185] .

في هذا الشهر أنزل الله كتابه ، و فيه كان النّبيّ صلى الله عليه و سلم
يتدارسه مع جبريل بل إنّ هذه المدارسة كانت السبب في مضاعفة الطاعات و
الاستزادة من القربات من قبَله صلى الله عليه و سلم كما دلّ عليه مفهوم
قول الواصف له " حين يلقاه جبريل فيدارسه القرآن "
فبالقرآن تلين القلوب و تترغّب للطاعات و تشتاق إلى بارئها جلّ و علا و
على هذا جرى عمل السلف و اجتهادهم مع كتاب الله في هذا الشهر ، كما روي عن
الإمام مالك رحمه الله أنه كان إذا دخل رمضان أغلق كتبه و أخذ المصحف و
منع الفتوى و المساءلة مع الناس ، و قال : " هذا هو شهر رمضان هذا هو شهر القرآن " فيمكث في المسجد حتى ينسلخ شهر رمضان .

و كذلك كان حال الإمام أحمد رحمه الله و غيرهما ، بل روي عن بعضهم أنّه
كان يختم القرآن كلّ ليلة و إن كان في هذا مخالفة للسنة ، إلاّ أنّ القصد
بيان اجتهادهم لذا ينبغي علينا أن نسير على آثار القوم و نجتهد اجتهادهم
لعلّنا نقترب من منازلهم ، و لنخصّص من أوقاتنا وقتًا لتلاوة القرآن و
سماعه و مدارسة التفسير رجاء أن نكتب عند الله من أهل القرآن . " أهل القرآن أهل الله و خاصّته " [4] .

3 – قيام اللّيل :

قال ابن رجب – رحمه الله - : " إنّ الجمع بين
الصيام و الصدقة أبلغ في تكفير الخطايا و اتقاء جهنّم و المباعدة عنها و
خصوصًا إن ضمّ إلى ذلك قيام اللّيل ، كما ورد في الحديث :

[ إنّ في الجنّة غرفًا يُرى ظهورها من بطونها و بطونها من ظهورها ، قالوا
لمن هي يارسول الله ؟ قال : لمن طيّب الكلام ، و أطعم الطعام ، و أدام
الصيام ، و صلى باللّيل و الناس نيام ]
" [5] .

و قال أيضا :"الصدقة تُطفيء الخطيئة كما يُطفىء الماء النار ، و قيام الرّجل من جوف اللّيل يعني أنه يُطفىء الخطيئة".

و السّرّ في زيادة فضلها عند اجتماعها ، أنّ كلّ واحدة من هذه الطاعات
فيها مجاهدة للنّفس على طاعة الله و قهرٌ لها و حملها على خلاف ما تهوى ،
و من جهة أخرى تدلّ على إخلاص صاحبها فإذا اجتمعت كلّها دلّ هذا على قوّة
إيمان صاحبها و إخلاصه لله تعالى في عمله و حبّه له و حرصه الشديد على
تحصيله ، يدلّ لهذا ما جاء في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن
النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال :
" من أصبح منكم اليوم صائما ؟ قال أبو بكر : أنا ، قال : من تبع اليوم
جنازة ؟ قال أبو بكر : أنا ، قال : من تصدّق بصدقة ؟ قال أبو بكر : أنا ،
قال : فمن عاد منكم مريضًا ؟ قال أبو بكر : أنا ، قال : ما اجتمعت في
امرىء إلاّ دخل الجنّة "
. لاّنها لا تجتمع إلاّ لصادق صدّيق رضي الله عنه .

4 – الاعتكاف :

آخر هذه الوظائف الاعتكاف الذي يكون في العشر الأواخر من هذا الشهر المبارك و في هذا بيانٌ للأصل العظيم - العبرة في الأعمال بالخواتيم - أو [ العبرة بكمال النهاية لا بنقص البداية ] ، فإذا قصّر المسلم في بداية الشهر و لم يجتهد حق الاجتهاد ، فالفرصة مواتية نهاية الشهر لعلّه يستدرك ما فات .

الاعتكاف حقيقته قطع العلائق عن الخلائق للاتصال بخدمة الخالق ، و كلّما
قويت المعرفة بالله و المحبة له و الأنس به أورثت صاحبها الانقطاع إلى
الله تعالى بالكليّة ، كما ذكرها الحافظ ابن رجب عليه رحمة الله [6] .

و لنا أسوة في هذا بنبيّنا الكريم صلى الله عليه و سلم الذي سنّ لأمّته
الاعتكاف و واظب عليه فكان إذا دخل العشر الأواخر دخل معتكفه و كذلك
أصحابه اقتداءًا به .

ففي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها : " كان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا دخل العشر شدّ مئزره و أحيا ليله و أيقظ أهله " و في رواية لمسلم : " كان رسول الله يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره " .

هذا لأن النفوس الزّكيّة التي تأنس بذكر ربّها و تطمئنّ به ، تجدها ترغب
في الخلوة مع الله لتُجدّد إيمانها و تتعرّض للنّفحات الإيمانية التي لا
يتذوّق حلاوتها إلاّ من أكرمه الله الكريم المنّان بهذا الفضل العظيم ، و
لمّا كان الله تعالى إنّما خلقنا لعبادته ، و هو لا يُعبَد إلاّ بما شَرَع
، كان في سنة الاعتكاف تحقيقٌ لهذه الفائدة و إظهارٌ لهذه المزيّة التي
تجلّت في هذا الموسم المبارك ، لأن الاعتكاف لا يفضل إلاّ في هذا الزّمن
المخصوص و في تلك الأماكن المخصوصة " لا اعتكاف إلاّ في المساجد الثلاثة " و هذا من تمام الاتّباع .

فالاعتكاف انقطاع و إقبال ، انقطاع عن الدنيا و شواغلها و إقبال على الله تعالى بالكلّيّة أو كما قال ابن القيّم رحمه الله : "
و شرع لهم الاعتكاف الذي مقصوده و روحه عكوف القلب على الله و جمعيّته
عليه و الخلوة به ، و الانقطاع عن الاشتغال بالخلق و الاشتغال به وحده
سبحانه ، بحيث يصير ذكره و حبّه و الإقبال عليه في محلّ هموم القلب و
خطراته فيستولي عليه بذلها "
[7] .

5 – العمرة :

من الوظائف الشرعية الدّالّة على أن هذا الشهر تضاعف فيه الأجور و ترفع
فيه الدرجات أداء العمرة ، كيف لا ؟ و للعمرة في رمضان بالذات فضل كبير ،
بل إن العمرة في رمضان تميّزت بفضل خاصّ لم يرد في غيرها من القربات ، فقد
صحّ عن نبيّنا صلى الله عليه و سلم فيما يرويه البخاري أنه قال : " عمرة في رمضان تعدل حجّة أو قال حجّة معي " ، تعدل حجّة مع النبي صلى الله عليه و سلم في فضلها و درجتها .

فاحرص أخي الكريم ، يا من وسّع الله عليك في الرزق أن تغتنم هذه الفرصة العظيمة لتعيش أجواءًا إيمانية في رحاب بيت الله الحرام .

6 – تحرّي ليلة القدر :

ليلة القدر أعظم ليلة عند الله تعالى و أكثرها بركة { إنّا أنزلناه في ليلة مباركة }
[ الدخان : 3 ] ، و بركتها تكمن في اصطفاء الله لها لتكون اللّيلة التي
تنزل فيها القرآن ، و إنّه لحدثٌ عظيم ، و تحرّيها يكون باجتهاد المؤمن في
العشر الأواخر و بخاصّة في ليالي الوتر منها . فيحيي هذه اللّيالي
بالعبادة من قيام و قراءة للقرآن و ذكر و دعاء ، لأنّ ثواب العبادة في هذه
اللّيلة أفضل من ثوابها في ألف شهر كما قال ربّ العزّة و الجلال : { ليلة القدر خيرٌ من ألف شهر }
[ القدر : 3 ] ، ليلة هذا فضلها من حرمها فقد حرم الخير كلّه و لا يُحرم
خيرها إلاّ محروم ، و قد رغّب النبي صلى الله عليه و سلم في قيامها و طلب
موافقتها أيّما ترغيب بقوله : " من قام ليلة القدر إيمانًا و احتسابًا غُفرَ له ما تقدّم من ذنبه " [8] .

قال الشوكاني عليه رحمة الله : " و شرفها مستلزم
لقبول دعاء الدّاعين فيها ، و لهذا أمرهم صلى الله عليه و سلم بالتماسها ،
و حرّض الصحابة على ذلك غاية التّحريض ، و كرّروا السؤال عنها ، و تلاحوا
في شأنها رضي الله عنهم "
[9] .

و مما يدل على أن الدعاء فيها مجابٌ ما صحّ عن عائشة رضي الله عنها فيما
رواه الترمذي و ابن ماجة و الحاكم أنّ النبي صلى الله عليه و سلم قال لها
أن تقول في ليلة القدر : " اللّهمّ إنّك عفوّ تحبّ العفو فاعف عنّي " .

7 – الدّعاء :

مما سبق يتبيّن أنّ الدعاء من أعظم وظائف هذا الشهر المبارك ، كيف لا ؟ و
هو شهر الإقبال على الله و التبتّل إليه ، و الدّعاء هو العبادة كما صحّ
هذا عن النبي صلى الله عليه و سلم فيما رواه أحمد و غيره رحمهم الله ، و
الصيام مظنّة لاستجابة الدعاء و خاصّة في رمضان حيث خصّ الله فيه كلّ مسلم
باستجابة دعوة من دعائه " إنّ لله في كلّ يوم و ليلة عتقاء من النار ، في شهر رمضان ، و إن لكل مسلم دعوة يدعو بها ، فيستجاب له " [10] .

فأقبل على الله ، يا أخي في هذا الشهر الكريم و أكثر من الدعاء حال صيامك
و قيامك و اجتهد في هذه الوظائف الجليلة لعلّ الله يتقبّل منك طاعةً فتكون
من الفائزين { إنّما يتقبّل الله من المتّقين } [ المائدة : 27 ] ، ثم قال وعدًا : { إنّ للمتّقين مفازًا } [ النبأ : 31 ] .

فبادر أخي الكريم لاغتنام هذه الفرصة الثمينة ، بملء الأوقات بأنواع
الطاعات و الزيادة في القربات ، تجديدًا لإيمانك و تطهيرًا لذنوبك ، لعلّك
تكون بعده ضمن الذين غُفرت ذنوبهم و أعتقت رقابهم ، فالكيّس من اغتنم
الفرص و أقبل على طاعة مولاه في مثل هذا الموسم الكريم .

بادر الفرصة و احذر فوتها ***** فبلوغ العزّ في نيل الفرص .






الحواشي :

[1] النسائي و البيهقي و هو حسن ..
[2] ضعيف الجامع [ 150] و قال في صحيح الترغيب : حسن .
[3] الترمذي و النسائي و ابن ماجة و هو صحيح .
[4] صحيح الجامع : 2528 .
[5] رواه أحمد و ابن حبان في الصحيح و هو حسن .
[6] لطائف المعارف : 214 .
[7] زاد المعاد : [ 2 / 86 ] .
[8] البخاري و مسلم .
[9] تحفة الذاكرين : ص 55 .
[10] الحاكم و هو صحيح .





منقول من مجلة منابر الهدى – السنة الأولى – العدد الاول – رمضان 1421ه .
















MHDz
MHDz
مراقب
مراقب

عدد الرسائل : 802
المزاج : alhamdo'lilah
عدد النقاط : 43703
السٌّمعَة : 10
تاريخ التسجيل : 15/01/2010

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى