الصورة النمطية للمرأة في مراحل التعليم الأساسي))

الصورة النمطية للمرأة في مراحل التعليم الأساسي))
تتأتى أهمية ومحاضرة اليوم من خلال أهمية ومكونات وعناصر موضوعها المركب وهو " الصورة النمطية للمرأة في مناهج التعليم الأساسي" والذي يتناول تأثير موروث ثقافي وعادات تؤثر في حاضرنا المعاش ، وسيكون لها الأثر الأكبر في البناء العلمي والاجتماعي في جيل سيكون مستقبل مجتمعنا بين يديه ، فأطفال اليوم هم صانعو الغد .
معرفتي ومساهمتي في موضوع المحاضرة يأتي من خلال مساهمتي في التعليم الجامعي ، من خلال تدريس مواد رعاية الشباب ورعاية الأسرة والتنمية والتخلف الاجتماعي ، ومواد التغير والتخطيط الاجتماعي ، والرعاية الاجتماعية ومجالاتها ، كما أسهمت في وضع مناهج المواد الاجتماعية لمرحلة التعليم الأساسي وأشرفت على مجموعة رسائل علمية على مستوى الشهادات العليا والدقيقة ، الماجستير والدكتوراه منها رسائل حول تعليم المرأة كمؤشر من مؤشرات التغيير الاجتماعي ، وعمل المرأة في المجال السياسي كمؤشر من مؤشرات التغيير الاجتماعي ، ومشاريع التخرج حول التعليم ومعوقاته في منطقة الجبل الغربي وطرابلس وسهل الجفارة ، والإشراف على رسالتي دكتوراه حول المرأة والعنف العائلي والجريمة كما قمت ببحث مشترك مع الدكتورة نجاح القابسي تحت عنوان " المرأة كسلعة" قام بنشره المركز العالمي لدراسات وأبحاث الكتاب الأخضر ، كما أشرفت مع فريق من البحاث حول صورة المرأة في مناهج التعليم الأساسي .
ونقوم الآن بالإشراف على فريق بحثي حول الرعاية الاجتماعية للمرأة إلى جانب التجربة الشخصية رأيت التذكير بمجموعة متغيرات وتأثيرها على العقل في الفكر والعمل في مجال تعليم البنات وموضع التعليم بشكل عام .. فلابد من استخدام بعض المعايير والمرجعيات التي تستطيع أن نقيم من خلالها تجربة التعليم في الجماهيرية وخصوصا ما يتعلق بالصورة النمطية للمرأة المتغيرات هي كالتالي : -
1 – المتغير أو المؤثر الفكري والأيديولوجي فعملية تعليم المرأة وتحديد اختصاصاتها وممارستها ومنطلقاتها لم تنطلق من فراغ ، ولم تمارس في فراغ ، هي عملية تمارس في مجتمع ارتضى لنفسه نظرية ورؤية توضح المواقف من القضايا الاجتماعية مثل حرية المرأة والعدالة والمساواة وحق التعليم والعمل .
2 – المؤثر العالمي فنحن جزء من نظام عالمي أحادي الاتجاه والتأثير يحاول فرض معايير ثقافية علمية وعلاقات محددة مع مجتمعات العالم ، وبالأحرى تحقير ثقافات الغير حتى تهتز ثقة مجتمعات العالم بذاتها ونظمها ، ويطرح بدائل ترسخ نفسها وظاهرة إنسانية مثل حق المساواة والمناداة بحرية المرأة ، ولكنه يهدف من خلال برامجه هذه إلى خلخلة وزعزعة الثقة ، ثقة المجتمع بنفسه ، حتى يتسنى له تدمير البناء الاجتماعي القائم ، وطرح النموذج الغربي كبديل له .. فيجب في ضروف كهذه الحفاظ على هويتنا القومية والوطنية والإسلامية حتى تكون الأساس الذي ننطلق منه في العملية التعليمية ، ولكي نحصن من خلاله أنفسنا ، مالطا البلد الصغير تستخدم لغتها في الطب والجراحة وغيرها من العلوم ، والكيان الصهيوني أحيا لغة ميتة لها 4000 سنة يستخدمها في مجالات العلوم المختلفة ، أما نحن فننظر على أن اللغة العربية متخلفة ولغة شعر وليست لغة علم، ويحاولوا طرح البدائل من اتجاهين ، الاتجاه الأول اللغة الانجليزية ، والثاني هو التكتيك الهادف إلى زعزعة الثقة باللغة العربية ليسهل هضمك .
3 – متغير الهوية القومية الإسلامية .
4 – المتغير الرابع هو الموقف العلمي والثوري من القيم والعادات والثقافات السائدة في المجتمع أي المجتمع العربي الليبي ، والذي يتطلب منا مراجعة نقدية منهجية لما هو سائد والذي يكرس قيم وثقافات مجتمع تقليدي ، يحمل فيما يحمل تقاليد وعادات سامية وإنسانية في بعض جوانبه ، إلا انه وفي نفس الوقت يحمل قيم وتقاليد وعادات بالية تكرس للتخلف ، وتقف في مواجهة التقدم ، وما يتطلب ذلك من تغير في المقومات .
إن مجتمعنا الليبي يعيش مرحلة ، مرحلة الهوة الثقافية بين طرفين .. الطرف الأول يشهد تقدم اقتصادي ومناخ وتحريض ثوري ، والجانب الآخر يمثل قيم وعادات بالية ، ترسخ للتخلف ، وتحاول الوقوف ضد تقدم المجتمع وتطوره ، عليه يجب أن يكون هناك طرح علمي وجاد يقاوم التخلف ، و يضحد بمواقف لمتخلفة عند قضاياه الأساسية مثل التعليم حرية المرأة ، ومثل الديمقراطية وكشف قضايا لها أثر في حياة الإنسان مثل الجنس والدين والسياسة وتصحيح بايودها من أفكار ذات تكتم وهيمنة قد تصل إلى الإرهاب .
هناك إرث يحمل الجانب الا أنساني ، وقد كتب حول هذا الموضوع أساتذة مثل مصطفى حجازي ، وهشام شرابي ، ومجموعة من الأساتذة والتطرق إلى ما يسمى بالاضطهاد المركب ، الظلم الاجتماعي هو أصل الاضطهاد المركب ، وهو سلم اضطهادي تقع الفتاة في الدرجة السفلى فيه .
الأنثى الصغيرة يضطهدها أخوها ، وأخوها تضطهده أمه ، والتي يضطهدها زوجها الذي يضطهده رب العمل .. وهكذا .
فعملية الاضطهاد المركب ولدت شخصية من نوع معين ، والتي يجب أن نراجع نتاجها أو نتيجتها الثقافية والاجتماعية .
كذلك ثقافتنا تحمل الكثير من الازدواجية في تعاملنا مع قضية المرأة، فمن ناحية نقول إن المرأة هي مخلوق جميل وإنساني وهي العطف والعطاء ، ومن جانب آخر نقول إنها ناقصة العقل والدين ،وهي الضلع الأعوج ، ولا نوليها الاهتمام اللازم : رغم وجود مئات الآلاف من خريجات الجامعات وفي مناهج التربية ، توضع مناهج كاملة لطلبة التسع سنوات الأولى في التعليم ولا يوجد من بينهم أنثى واحدة .
5 – متغير التعليم بشكل عام والمرأة بشكل خاص وبمقارنة بسيطة نستطيع ان نلمس مدى التغيرات التي حدثت في المجتمع العربي الليبي .
نحن في ليبيا نشهد طفـرة في عملية التعـليم ، ففي فتـرة الخمسينات وعنـدمـا حصـلت ليبيـا علـى ( ماسمى ) استقلالها كان عدد من يحملون الشهادات الجامعية 10 أشخاص ، وكانت نسبة الأمية بين الأناث أكبر نسبة أمية في العالم 97.3% ناهيك عن الجوانب الأخرى الكيفية في التعليم .
واليوم نجد أكثر من مليوني شخص في سلم التعليم ، وكذلك الشهادات الجامعية تعد لمئات الآلاف ، طفرات كبيرة جداً ، ولكن من الناحية الكيفية هناك عدة جوانب يجب أن نتفحصها ، منها بعض الأمراض الاجتماعية مثل الغش وانتشار المحاباة والمحسوبية وعدة أشياء أخرى ، والتي هي عبارة عن أمراض اجتماعية انعكست على العملية التعليمية ولذلك يجب أن ندرسها بشكل واضح ودقيق لتفاديها .
6 – المتغير السادس ، هو متغير الخصوصية العمرية ، حيث تمثل هاتين المرحلتين أو الحلقتين لهما الأثر في حياة الفرد والمجتمع ويتمتعان بخصوصية عمرية ، ومتطلبات على المستوى الاجتماعي والعقلي والانفعالي والجسدي .
للأسف أن المناهج الدراسية الموضوعة وضعت من قبل أناس لم تكن لديهم الدراية بهذه المرحلة التي لها خصوصياتها الاجتماعية والعقلية ، وهي ثاني حلقة تقع في عملية التنشئة الاجتماعية المرحلة الأولى من سنة الأولى إلى الستة سنوات ، التي يبنى فيها الأساس ويتحول فيها الإنسان من كائن بيولوجي إلى كائن اجتماعي ، تأتي بعد ذلك قضية تصحيح القيم الرسمية الواقعة خارج نطاق الأسرة مثل الانضباط وأهمية الوقت وعلاقتنا بالإدارة فيجب أن نراعي هذه الخصوصية بشكل دقيق ولكن للأسف غيبناها ودخلت معها أشياء أخرى ، واعتقد أن عملية إصلاح المجتمع تبدأ من الاهتمام بعنصرين أساسين ، الأول هو الأسرة ، لأن الطفل يتشرب عن طريقها مجموعة معلومات وجنات وقيم مثل الخير والشر ، فهي النظارة التي يرى من خلالها العالم .. والأمر الثاني هو التعليم الأساسي الذي يشكل الأرضية التي يصقل من خلالها الطفل ليصبح عنصراً خيراً في المجتمع .
الآن ومع الاحتفاظ بهذه النقاط في الذاكرة سأتطرق وبشكل مختصر إلى الصورة النمطية للمرأة من خلال مجموعة المستويات المختلفة في التعليم الابتدائي والإعدادي وغيره .
في كتاب اللغة العربية وفي درس "كسب المهارات" بالصفحة 21 توجد جملة " هذه أمي .. أمي تكتب" وجملة أخرى "أبي يقرأ وأمي تكتب" وهي صورة تعكس حق التعليم للأب وللأم وهو شيء جيد ، وهو ما تنادي به فلسفة المجتمع الجماهيري.
في الصفحة 79 توجد جملة " المعلمة دخلت الفصل" تبرز هذه الصورة دور المعلمة ، وهي تكرس أي عمل للمرأة أو أن المرأة عملها مرتبط بالتدريس ولا تتحدث عن المدرس ، فنحن الآن نواجه مشكلة في المجتمع الليبي وأخشى ألا ينتج عن هذه المسألة مجتمع مخنث ، أي أن يصبح الولد كالمرأة ، فالطفل يبحث في مرحلته هذه عن نموذج عن قدوة ، فكيف سيصبح عندما يفاجئ بأن المدرسة كل عناصر التدريس من الاناث ، أنا لست ضد المرأة ولكن أن يصبح المجتمع بأكمله تقود العملية التعليمية فيه الانثى نتيجته ستكون مجتمع مخنث ، الاطفال يرودون الأبله ، وفعلت الأبله ، وغيرها ... فمن الناحية التربوية هناك خلل واضح بسبب غياب عنصر الذكور حيث يخرج الاب من البيت منذ الساعات الأولى في الصباح ويرجع آخر النهار ، وهناك العديد من الأسر الوالد فيها غير موجود ، ناهيك عن خصوصية مرحلة التعليم الأساسي التي ما عاد الطفل يتأثر فيها بأبيه وأمه ، وإنما بأستاذه .. وهنا الإشكالية ومكمن الخطورة .
كل المناهج الدراسية التي مررت عليها الواضح فيها دور المرأة فأين الرجل ثم ان الصورة النمطية التي أحدثكم عنها الآن تقف كخلفية في أن المرأة لا تتجاوز مهنتها مهنتي التعليم والتمريض .
نقطة أخرى في درس "كسب المهارات" بالصفحة 193 توجد جملة "عائشة تمشط شعرها بالمشط" هنا ايجابيا تبرز دور النظافة ، ولكن في تراثنا العربي والإسلامي ، أن قضية النظافة تختص بها المرأة ، فعليها أن تكون مستعدة .. وكذا ولا توجد ملاحظات أو كلام عن نظافة الرجل .. في مجال التعليم نرى أن النظافة وكأنها تخص المرأة فقط .
كذلك في درس "كسب المهارات" الصفحة 202 توجد جمل "هذه أمي ، أمي عندها فواكه .. هي تغسل الفواكه " ، وهذا أيضا يكرس بشكل غير مباشر وظيفة محددة للأم ، فالأم مهمتها منزلية بحثة ، كعملية طهي الطعام وغسل الفواكه وغيرها ، وهذه الصورة متكررة في كل الكتب . المتحدثة عن وظيفة المرأة ولو دققنا مثلا في الكتاب الأخضر سنجد مقولة "البيت يخدمه أهله" الوظيفة والمسؤولية مشتركة بين الرجل والمرأة ، ونقرأ في باب كسب المهارات بالصفحة 209 نجد جملة "ذهبت وداد إلى البحر، وداد على الشاطئ ، وداد قالت البحر جميل ، والهواء نقي " ، هذه درجة من درجات التقدم الاجتماعي وأنا أراها خطوة إلى الأمام لصالح حرية المرأة حتى لا تظل حبيسة البيت والجدران ، ولكن للتعقيب على الجملة لماذا وداد لم تمارس السباحة ؟ فالرياضة نشاط عام ينبغي أن يمارس لا أن يتفرج عليه .
وننتقل إلى درس التطبيق وعنوانه "التلميذ المجتهد" نجد جملة " أنا التلميذ الصغير أنا احترم مدرستي وأحب زميلاتي ومدرستي " ولكن ماذا عن مدرسها وزملائها وكأن الحب للجنس الآخر محرم ! أي ان الحب للآخر في شكله العفوي والطفولي ، حب الأب ، والأخ والزملاء شي محرم ، هناك الأستاذ والمدير لماذا لا تحبيهم ، ولكن نظرا لأننا نعاني من مؤشرات حرمت التحدث في الثالوث . الجنس والسياسة والدين ، وذاك ما أدي إلى ما يعانيه المجتمع من الشعوذة وغيرها بسبب عدم الحديث بحرية في المسائل الدينية بشكل ديمقراطي وعلمي وذات المعاناة تنطبق على الجنس .