منتدى الأبيض سيدي الشيخ التربوي و التعليمي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

فـي قضاء الوتر ونقضه لشيخ فركوس

اذهب الى الأسفل

فـي قضاء الوتر ونقضه لشيخ فركوس Empty فـي قضاء الوتر ونقضه لشيخ فركوس

مُساهمة من طرف ابو همام الخميس أكتوبر 15, 2009 1:14 pm

الفتوى رقم: 55

الصنف: فتاوى الصـلاة



فـي قضاء الوتر ونقضه

السؤال: ثبتَ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنّه أمر بقضاء الوتر لِمَن فاته، وثبت أيضًا أنّه كان إذا فاته ورده من الليل يقضيه في النهار بأن يُشفِّعه، كيف يمكن الجمع بين هذين الحديثين فإن هو قضى الوتر -ركعة واحدة- وقضى ورده شفعًا، فيكون بالتالي كمن لم يشفع ورده لأنّه أضاف له ركعة الوتر؟ أم الأمر غير هذا؟ وما صحّة مسألة نقض الوتر؟



الجواب: الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على مَن أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمّا بعد:

فالمسألة المطروحة متعلّقة بالمعذور، أمّا غير المعذور فلا وتر له لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ أَدْرَكَ الصُّبْحَ وَلَمْ يُوتِرْ فَلاَ وِتْرَ لَهُ»(١)، ولقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّمَا الوِتْرُ بِاللَّيْلِ»(٢).

وهذه الأحاديث إنما تحمل على غير المعذور لتعلّق النصوص الأخرى الواردة في مشروعية قضاء الوتر وغيره بمن فاتته الصلاة بغير عذر توفيقًا بين الأدلة وجمعًا للنصوص، منها: قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ نَامَ عَنْ وِتْرِهِ أَوْ نَسِيَهُ فَلْيُصَلِّهِ إِذَا ذَكَرَهُ»(٣) وبعموم قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ نَامَ عَنْ صَلاَةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا»(٤)، وبقول عائشة رضي الله عنها: «كَانَ النبي صلى الله عليه وآله وسلم يُصْبِحُ فَيُوتِرُ»(٥)، وأن ابن مسعود رضي الله عنه حدّث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «أنه نَامَ عَنِ الصَّلاَةِ حَتَى طَلَعَتِ الشَّمْسُ ثُمَّ صَلَّى»(٦)، فهذه النصوص إنما تدلّ على جواز تأخيرها لعذر كما هو بيِّن من ظواهرها، لكن صفة قضاء الوتر بالنهار يختلف عن الليل بأن يكون شفعًا لا وترًا لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ إِذَا نَامَ أَوْ مَرِضَ صَلَى بِالنَّهَارِ ثِنْتَيْ عَشرَةَ رَكْعَةً»(٧)، وعليه فمن كانت عادته أن يوتر بواحدة قضى من النهار ركعتين، ومن كانت عادته أو يوتر بثلاث قضاها أربعًا، وبخمس قضاها ستًّا وهكذا؛ لأنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يصلي من الليل إحدى عشرة ركعة فصلى بالنهار ثنتي عشرة ركعة.

أمّا الورد فهو الورد من القرآن المراد به الحزب كما ثبت من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ نَامَ عَنْ حِزْبِهِ مِنَ اللَّيْلِ أَوْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ فَقَرَأَهُ مَا بَيْنَ صَلاَةِ الفَجْرِ وَصَلاَةِ الظُّهْرِ، كُتُبَ لَهُ كَأَنَّمَا قَرَأَهُ مِنَ اللَّيْلِ»(٨).

وقيل: إنّ المراد بالحزب هو ما كان معتاده من صلاة الليل، وإذا حمل على هذا المعنى فلا إشكال في أن يختم صلاته بالوتر.

أمّا إن فاته الوتر لعلّة كنوم أو نسيان أو مرض فإنه يقضيه من النهار شفعًا كما تقدّم.

وأمّا المسألة المعروفة بنقض الوتر بأن يضيف إليه ركعة ثانية ويوتر أخرى بعد التنفل شفعًا فهي ضعيفة من وجهين:

1 - أحدهما: أنّ النفل بواحدة غير معروف من الشرع.

2 - والثاني: أنّ الوتر لا ينقلب إلى النفل بتشفيعه؛ لأنّ مَن أوتر من الليل فقد قضى وتره، فإن قام من نومه وصلى ركعة أخرى فهي مستقلّة عن الأخرى فلا يصيران صلاة واحدة لما تخلَّلَهُمَا من نوم وحدث ووضوء وكلام، ويكون والحال هذه قد أوتر مرَّتين، وإذا أضاف الوتر الأخير فيكون موترًا ثلاث مرّات، وهذا مخالفٌ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لاَ وِتْرَانِ فِي لَيْلَةٍ»(٩) من جهة، ومخالف لقوله صلى الله عليه وسلم: «اجْعَلُوا آخِرَ صَلاَتِكُمْ بِاللَّيْلِ وِتْرًا»(١٠)، ووجه المخالفة أنّه جعل وتره في مواضع من صلاة الليل.

أمّا المنقول عن ابن عمر (١١) وعلي بن أبي طالب(۱۲) رضي الله عنهم جواز نقض الوتر بإضافة ركعة، فإنّ الأثرين يعارضهما المرفوع من حديث ابن عمر رضي الله عنهما المتفق عليه «اجْعَلُوا آخِرَ صَلاَتِكُمْ بِاللَّيْلِ وِتْرًا» والعبرة بما روى لا بما رأى.

فالحاصل أنّ كلاًّ من الشفع والوتر منحصرٌ في معناه الشرعي، فإذا رعينا هذا المعنى فلا ينقلب الوتر شفعًا لأنّ الشفع نفل والوتر سنّة مؤكّدة أو واجبة على خلاف.

وإذا تقرّرت مرجوحية نقض الوتر فإنّ ما عليه أكثر العلماء جواز الصلاة بعد الوتر من غير أن يعيده وهو مروي عن أبي بكر وسعد وعمار وابن عباس وعائشة(۱۳) رضي الله عنهم، ويدلّ على ذلك حديث عائشة رضي الله عنها قالت: «إِنَّ النَّبِيَّ صَلَى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُسَلِّمُ تَسْلِيمًا يُسْمِعُنَا ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ بَعْدَمَا يُسَلِّمُ وَهُوَ قَاعِدٌ»(١٤) وحديث أم سلمة رضي الله عنها: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَى الله عَلَيْهِ وَآلْهْ وَسَلَّمَ كَانَ يَرْكَعُ رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الوِتْرِ وَهُوَ جَالِسٌ»(١٥). وقد تقدّم حديث "لا وتران في ليلة" المفيد لِمَنْع تكرار الوتر.

والعلم عند الله تعالى، وفوق كلّ ذي علم عليم، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين، وصلى الله على محمّد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، وسلّم تسليمًا.





الجزائر في: 17 من ذي القعدة 1427م
الموافق ﻟ: 8 ديسمبر 2006م



--------------------------------------------------------------------------------

۱- أخرجه ابن حبان في صحيحه (2408)، وابن خزيمة (1092)، والحاكم (1159)، وعبد الرزاق في المصنف (4591)، والطيالسي في مسنده (2192)، من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه. والحديث صححه الحاكم في "المستدرك" ووافقه الذهبي (1/441)، وصححه كذلك الألباني في "الإرواء" (2/154).

۲- أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (891)، وعبد الرزاق في المصنف (4607)، من حديث معاوية بن قرة رضي الله عنه، والحديث حسنه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (1712).

۳- أخرجه أبو داود في الصلاة أبواب الوتر (1431)، والترمذي في الوتر (465)، وابن ماجه في إقامة الصلاة والسنّة فيها (1188)، والدارقطني (1656)، والبيهقي (4711)، من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، وصحّحه الألباني في الإرواء (2/189).

٤- أخرجه البخاري في مواقيت الصلاة (597)، ومسلم في المساجد (1600)، وأبو داود في الصلاة (442)، والنسائي في المواقيت (613)، والترمذي في المواقيت (178)، وابن ماجه في الصلاة (696)، من حديث أنس رضي الله عنه.

٥- أخرجه أحمد (25527)، وعبد الرزاق في مصنفه (4603)، والبيهقي (4620)، من حديث عائشة رضي الله عنها. والحديث حسنه الهيثمي في "مجمع الزوائد" (2/511)، وصححه الألباني في "الإرواء" (2/155).

٦- أخرجه النسائي في المواقيت (612)، والبيهقي (4637)، والبزار في مسنده (2030)، من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه. وصححه الألباني في "الإرواء" (2/156).

٧- أخرجه أبو داود في الصلاة (1342)، والترمذي في أبواب الصلاة (445)، وابن حبان (2619)، وأحمد (24384)، من حديث عائشة رضي الله عنها. وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(1342)، وصحيح الترمذي (445).

٨- أخرجه مسلم في صلاة المسافرين (1779)، وأبو داود في الصلاة أبواب قيام الليل (1313)، والترمذي في الصلاة (518)، والنسائي في قيام الليل وتطوع النهار (1790)، وابن ماجه في الصلاة (1343)، والدارمي (1529)، والبيهقي (4737)، من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

٩- أخرجه أبو داود في الصلاة (1438)، والترمذي في الوتر (470)، والنسائي في قيام الليل وتطوّع النهار (1679)، وأحمد (16733)، والبيهقي (5039)، من حديث طلق بن علي رضي الله عنه. وصحّحه الألباني في صحيح الجامع (7567).

١٠- أخرجه البخاري في الوتر (998)، ومسلم في صلاة المسافرين (1755)، وأبو داود في الوتر (1438)، وأحمد (4813)، والبيهقي (5023)، من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.

۱۱- أخرجه أحمد (6155)، وصححه أحمد شاكر في تحقيقه لمسند أحمد (9/39)، وحسنه الألباني في "الإرواء" (2/194).

۱۲- أخرجه عبد الرزاق في المصنف (4684)، وصححه زكريا بن غلام قادر الباكستاني في "ما صح من آثار الصحابة في الفقه" (1/395).

۱۳- انظر هذه الآثار وتخريجها في "ما صح من آثار الصحابة في الفقه" لزكريا بن غلام قادر الباكستاني (1/394-398).

١٤- أخرجه مسلم في صلاة المسافرين (1739)، وأبو داود في الصلاة (1343)، والنسائي في السهو (1315)، وابن ماجه في إقامة الصلاة (1191)، وابن خزيمة (1078)، وأحمد (23876)، والبيهقي (4852)، من حديث عائشة رضي الله عنها.

١٥- خرجه الترمذي في أبواب الوتر (471)، وابن ماجه في إقامة الصلاة (1195)، وأحمد (26013)، ، وصححه الألباني في "المشكاة" (1284).

ابو همام
عضو نشيط
عضو نشيط

عدد الرسائل : 116
الموقع : www.sahab.net
العمل/الترفيه : العمل
المزاج : هادئ
عدد النقاط : 42932
السٌّمعَة : 4
تاريخ التسجيل : 10/10/2009

http://www.ferkous.com/

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى