منتدى الأبيض سيدي الشيخ التربوي و التعليمي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

همسات الجمعة

اذهب الى الأسفل

همسات الجمعة Empty همسات الجمعة

مُساهمة من طرف الوزاني الجمعة أغسطس 28, 2009 1:42 pm

بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم
الجنة ونعيمها
الخطبة الأولى
أما بعد:
فلا زال الحديث عن الجنة متصلاً بسابقه نسأل الله أن يجعلنا من أهلها كما نسأله تعالى أن يجيرنا من النار إنه سميع مجيب وهو على كل شيء قدير وبالإجابة جدير.
أيها المسلمون: لقد سبق الكلام في الجمعة السابقة عن الجنة وسعتها وأبوبها واستقبال أهل الجنة وعن قصور الجنة وتفاضل أهلها وعن صفة أهل الجنة، والآن أكمل إن شاء الله بعضاً مما تبقى فيما ورد عن نعيمها.
فعن خيامها وغرفها روى أبو موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن للمؤمن في الجنة خيمة من لؤلؤة واحدة مجوفة طولها في السماء ستون ميلاً، للمؤمن فيها أهلون يطوف عليهم المؤمن فلا يرى بعضهم بعضاً)). وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن في الجنة غرفاً يرى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها)) فقال أبو مالك الأشعري: لمن هي يا رسول الله؟ قال: ((لمن أطاب الكلام، وأطعم الطعام، وبات قائماً والناس نيام)) وفي رواية: ((أعدها الله لمن أطعم الطعام، وأفشى السلام، وصلى بالليل والناس نيام)).
وعن أنهار الجنة روى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((الكوثر نهر في الجنة: حافتاه من ذهب، ومجراه على الدر والياقوت، تربته أطيب من المسك، وماؤه أحلى من العسل ،وأبيض من الثلج)). وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم ما الكوثر؟ قال: ((ذاك نهر أعطانيه الله _يعني في الجنة _ أشد بياضاً من اللبن وأحلى من العسل، فيه طير أعناقها كأعناق الجُزُر)) قال عمر: إن هذه لناعمة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أَكَلَتُهَا أنعم منها)). قال تعالى: إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ فَصَلّ لِرَبّكَ وَانْحَرْ إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الاْبْتَرُ [سورة الكوثر]. وقد ورد قول الله تعالى في سورة محمد صلى الله عليه وسلم عن الأنهار الأربعة التي هي أصل كل أنهار الجنة وبأنها أنهار الماء غير الآسن أي الماء الصافي الذي لا كدر فيه وغير متغير الرائحة، وأنهار من لبن لم يتغير طعمه بل في غاية البياض والحلاوة والدسومة، وأنهار من خمر لذة للشاربين أي ليست كريهة الطعم والرائحة كخمر الدنيا ولا تذهب بالعقل وتغيبه، بل حسنة المنظر والطعم والرائحة لاَ فِيهَا غَوْلٌ وَلاَ هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ [الصافات:47]. لاَّ يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلاَ يُنزِفُونَ [المعارج:19]. وَأَنْهَارٌ مّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى [محمد:15]. أي وهي في غاية الصفاء وحسن اللون والطعم والريح، قال تعالى: مَّثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِى وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مّن مَّاء غَيْرِ ءاسِنٍ وَأَنْهَارٌ مّن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِن كُلّ الثَّمَراتِ وَمَغْفِرَةٌ مّن رَّبّهِمْ [محمد:15].
وعن شجر الجنة قال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن في الجنة شجرة يسير الراكب الجواد المضمر السريع مائة عام لا يقطعها)) [رواه البخاري ومسلم وغيرهما]. وعن البراء بن عازب رضي الله عنه في تفسير قوله تعالى: وَذُلّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلاً [الإنسان:14]. قال: ((إن أهل الجنة يأكلون من ثمار الجنة قياماً وقعوداً ومضطجعين)).
وأهل الجنة يأكلون ويشربون ومع ذلك لا يتغوطون ولا يبولون ولا يمتخطون بل يكون طعامهم ذلك جشاء كريح المسك، ولهم في الجنة ما يشتهون وما تتوق له وتتمناه أنفسهم. قال تعالى: ياعِبَادِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلاَ أَنتُمْ تَحْزَنُونَ الَّذِينَ ءامَنُواْ بِئَايَاتِنَا وَكَانُواْ مُسْلِمِينَ ادْخُلُواْ الْجَنَّةَ أَنتُمْ وَأَزْواجُكُمْ تُحْبَرُونَ يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مّن ذَهَبٍ وَأَكْوابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الاْنْفُسُ وَتَلَذُّ الاْعْيُنُ وَأَنتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِى أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مّنْهَا تَأْكُلُونَ [الزخرف:68-73]. وقال تعالى: إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ اليَوْمَ فِى شُغُلٍ فَاكِهُونَ هُمْ وَأَزْواجُهُمْ فِى ظِلَالٍ عَلَى الاْرَائِكِ مُتَّكِئُونَ لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُمْ مَّا يَدَّعُونَ سَلاَمٌ قَوْلاً مّن رَّبّ رَّحِيمٍ [يس:55-58]. وعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يأكل أهل الجنة ويشربون، ولا يمتخطون ولا يتغوطون ولا يبولون، طعامهم ذلك جشاء كريح المسك، يلهمون التسبيح والتكبير كما تلهمون النفس)). وعن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: جاء رجل من أهل الكتاب إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا أبا القاسم تزعم أن أهل الجنة يأكلون ويشربون؟ قال: ((نعم والذي نفس محمد بيده إن أحدهم ليعطى قوة مائة رجل في الأكل والشرب والجماع)). قال: فإن الذي يأكل ويشرب تكون له الحاجة وليس في الجنة أذى، قال: ((تكون حاجة أحدهم رشحاً يفيض من جلودهم كرشح المسك فيضمر بطنه)).
نعم إن الرجال والنساء من أهل الجنة يأكلون ويشربون ولكن شتان ما بين نعيم الجنة الذي لا ينفد ولا ينقطع من فترة لأخرى وبين الحال الموجود في الدنيا، والفرق شاسع بين فواكه الجنة ونعيمها الآخر من الأكل والشرب الذي يختلف في اللذة والطعم والوصف عن متاع الدنيا، فلا يوجد في الدنيا إلا بعض الأسماء فقط من العنب والنخل والرمان والسدر المخضود المقطوع شوكه، والطلح المنضود الذي فسر بالموز وغير ذلك من أنواع الفاكهة التي ذكرت جملة في عدة آيات من القرآن وتفصيلاً في بعضها، ومن المشروبات الماء والعسل والخمر واللبن، أضف إلى ذلك النعيم بالأكل والشرب والتلذذ بها من غير تعب ولا نصب ولا انقطاع ولا منة فيها، وأنها تخرج من غير بول ولا غائط ولا نواتج أخرى وإخراج وإفراز من عرقٍ نتن الرائحة ولا صمغ ولا بصاق ولا مخاط بل رشح وعرق يخرج كأطيب وأحسن ريح مسك وجد على وجه الأرض.
أيها المؤمنون: إذا كان البول والغائط والمخاط والعرق والبصاق والصمغ مستقذر من الرجل في هذه الدنيا فإن ذلك أشد استقذاراً منه في نساء أهل الدنيا اللائي هن أشد فتنة على الرجال من أي فتنة أخرى، فهن يحملن بين جنوبهن البول والغائط ويتخلصن منه ومن دم الحيض والنفاس والعرق والمخاط والبصاق والصمغ بما خلقهن الله عليه، ولا إرادة لهن في ذلك، ومع ذلك بذاءة اللسان والمكر والخداع والكيد وغير ذلك مما نعلمه جميعاً، وليس ذلك خاص بهن دون الرجال بل الجميع مشتركون فيه ما عدا الحيض والنفاس أو ما يسمى بالدماء الطبيعية.
موجود البول والغائط والمخاط والبصاق والصمغ والعرق في الذكور والإناث من أهل الدنيا، في المسلم والكافر، في الكبير والصغير والغني والفقير، الملك والمملوك والوزير والأمير والصانع والتاجر، الطبيب والمريض، العالم والجاهل، وأوردت في ذلك لتقريب المقارنة بين الحياة مع نساء الدنيا وبين النعيم مع الحور العين في الجنة، وأهمس في آذان الذين يسعون وراء الحرام، وربما وقع أحدهم في دماء المرأة وظهر أثر البرص عليه بين الناس بسبب شهوة ساعة، فهل يفيق الغافلون ويتوبون إلى الله عز وجل؟ فالله يقبل توبة التائبين، وإنا لنرجو لهم التوبة وللجميع الثبات على الإيمان حتى الممات.
عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لغدوة في سبيل الله أو روحة خير من الدنيا وما فيها، ولقاب قوس أحدكم أو موضع قيده _ يعني سوطه _ من الجنة خير من الدنيا وما فيها، ولو اطلعت امرأة من نساء أهل الجنة إلى الأرض لملأت ما بينهما ريحاً، ولأضاءت ما بينهما، ولنصيفها على رأسها خير من الدنيا وما فيها)). والنصيف هو الخمار.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن أول زمرة يدخلون الجنة على صورة القمر ليلة البدر، والتي تليها على أضوإ كوكبٍ دريٍ في السماء، ولكل امرئ منهم زوجتان اثنتان يرى مخ سوقهما من وراء اللحم، وما في الجنة أعزب)).
وورد عن أم سلمة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: قلت يا رسول الله: أخبرني عن قول الله عز وجل: وحور عين؟ قال: ((حور: بيض، عين: ضخام، شفرُ الحوراء بمنزلة جناح النسر)) والمراد بالشفر جفن العين، قلت يا رسول الله: فأخبرني عن قول الله عز وجل: كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ [الرحمن:58]. قال: ((صفاؤهن كصفاء الدر الذي في الأصداف الذي لا تمسه الأيدي)) قلت: يا رسول الله: فأخبرني عن قول الله عز وجل: فيهن خيّرات حسان [الرحمن:70]. قال: ((خيّرات الأخلاق، حسان الوجوه)) قلت: يا رسول الله فأخبرني عن قول الله عز وجل: كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ [الصافات:49]. قال: ((قال رقتهن كرقة الجلد الذي في داخل البيضة مما يلي القشر)). قلت: يا رسول الله: فأخبرني عن قول الله عز وجل: عُرُباً أَتْرَاباً [المعارج:37]. قال: ((هن اللواتي قُبِضْنَ في دار الدنيا عجائز رُمصْاً شمطاً خلقهن الله بعد الكبر فجعلهن عذارى، عرباً متعشقات متحببات، أتراباً على ميلاد واحد)). قلت: يا رسول الله أنساء الدنيا أفضل أم الحور العين؟ قال: ((نساء الدنيا أفضل من الحور العين كفضل الظِّهارة على البطانة)) قلت: يا رسول الله وبم ذاك؟ قال: ((بصلاتهن وصيامهن وعبادتهن الله عز وجل، ألبس الله عز وجل وجوههن النور، وأجسادهن الحرير ،بيض الألوان، خضر الثياب، صفر الحليّ، مجامرهن الدر ،وأمشاطهن الذهب، يقلن: ألا نحن الخالدات فلا نموت أبداً، ألا ونحن الناعمات فلا نبأس أبداً، ألا ونحن المقيمات فلا نظعن أبداً، ألا ونحن الراضيات فلا نسخط أبداً، طوبى لمن كنا له وكان لنا)).
قلت: يا رسول الله: المرأة منا تتزوج الزوجين والثلاثة والأربعة في الدنيا ثم تموت فتدخل الجنة ويدخلون معها من يكون زوجها منهم قال: ((يا أم سلمة إنها تخير فتختار أحسنهم خلقاً، فتقول: أي رب إن هذا كان أحسنهم معي خلقاً في دار الدنيا فزوجنيه، يا أم سلمة ذهب حسن الخلق بخير الدنيا والآخرة)). وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن أزواج أهل الجنة ليغنين أزواجهن بأحسن أصوات سمعها أحد قط، إن مما يغنّين به، نحن الخيّرات الحسان، أزواج قوم كرام، ينظرون بقرة أعيان، وإن مما يغنين به، نحن الخالدات فلا نمتنه، نحن الآمنات فلا نخفنه، نحن المقيمات فلا نظعنّه)).
وورد في عددهن للمؤمن الواحد عدة روايات منها أن له زوجتان، ومنها: اثنتان وسبعون ومنها: أربع وسبعون، ومنها مائة عذراء، ولا منافاة في ذلك ولا غرابة، فبذلك وردت الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرواية الزوجين كما ورد في الحديث السابق ذكره، ومن روايات المائة عن أبي هريرة رضي الله عنه قيل: يا رسول الله هل نصل إلى نسائنا في الجنة؟ فقال: ((إن الرجل ليصل في اليوم إلى مائة عذراء)). وعن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يعطى المؤمن في الجنة قوة كذا وكذا من الجماع)) قيل يا رسول الله أو يطيق ذلك؟ قال: ((يعطى قوة مائة)) وقد يكون ذلك حسب تفاوت الدرجات بين أهل الجنة، وقد تكون الزوجة أو الزوجتان من نساء الدنيا والبقية من الحور العين في الجنة، والله أعلم بذلك، فما علينا إلا الإيمان والتصديق، وخاصة في هذا وغيره من أمور الغيب، لأن عقولنا وأفهامنا وإدراكنا أقل من ذلك وأعجز مما نتصوره ونتخيله، فالإيمان والتصديق واجب بما ورد في القرآن الكريم وفي صحيح سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والحق الذي لا مرية فيه ولا شك عند أي مؤمن أن الجنة كما ذكر الله عنها وذكر رسوله صلى الله عليه وسلم بأن فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.
-------------------------
الخطبة الثانية
الحمد لله الذي جعل جنات الفردوس نزلاً لعباده المؤمنين ونوّع لهم الأعمال الصالحة ليتخذوا منها إلى تلك الجنات سبلاً وأسباباً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، أحمده تعالى وأشكره، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً.
أما بعد:
ففي الجنة النعيم المقيم والخير العميم والفضل من الله الرحمن الرحيم، فيها الأسرة المرتفعة التي توحي بالنظافة والطهارة، والأكواب المصفوفة المهيأة للشراب والتي لا تحتاج إلى طلب أو إعداد، والوسائد والحشايا للاتكاء في ارتياح، والبسط والسجاجيد المبثوثة هنا وهناك للزينة والراحة سواء، هذا وغيره مما ذكر من النعيم والمناعم التي وردت في كتاب الله تعالى أو سنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم مما يرى الناس لأسمائها أشباهاً في الأرض، ولكن عندما تذكر هذه الأشياء فتذكر لتقريبها لمدارك أهل الأرض، أما حقيقتها وحقيقة المتاع بها فهي موكولة إلى العزيز الحكيم قيوم السماوات والأرض وإلى علمه سبحانه وتعالى حيث أحاط بكل شيء علماً.
عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن في الجنة لسوقاً يأتونها كل جمعة فتهب ريح الشمال، فتحثو في وجوههم وثيابهم فيزدادون حسناً وجمالاً فيرجعون إلى أهليهم وقد ازدادوا حسناً وجمالاً، فيقول لهم أهلوهم: والله لقد ازددتم بعدنا حسناً وجمالاً، فيقولون: وأنتم والله لقد ازددتم بعدنا حسناً وجمالاً)).
وأعظم كرامة في الجنة النظر إلى وجه الله العزيز الكريم ذي العزة والجبروت، عن صهيب بن سنان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا دخل أهل الجنة الجنة، ودخل أهل النار النار نادى منادٍ: يا أهل الجنة: إن لكم عند الله موعداً يريد أن ينجزكموه، فيقولون: وما هو؟ ألم يثقل الله موازيننا ويبيض وجوهنا ويدخلنا الجنة وينجّنا من النار؟ فيكشف الحجاب، فينظرون إليه، فوالله ما أعطاهم الله شيئاً أحب إليهم من النظر إليه، ولا أقر لأعينهم)). وتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم قول الله تعالى: لّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ [يونس:26]. وَقَدْ فُسِّرَ قول الله عز وجل: وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ [ق:35]. بالنظر إلى وجه الله تبارك وتعالى، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن أفضل أهل الجنة منزلة من ينظر إلى وجه الله تعالى كل يوم مرتين)) وقد قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله عز وجل: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ إِلَى رَبّهَا نَاظِرَةٌ [القيامة:23]. عند قوله عليه الصلاة السلام: ((أكرم أهل الجنة على الله من ينظر إلى وجه الله عز وجل غدوة وعشية)).
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله عز وجل يقول لأهل الجنة: يا أهل الجنة، فيقولون لبيك ربنا وسعديك، والخير في يديك، فيقول: هل رضيتم؟ فيقولون: وما لنا لا نرضى يا ربنا وقد أعطيتنا ما لم تعط أحداً من خلقك؟ فيقول: ألا أعطيكم أفضل من ذلك؟ فيقولون: وأي شيء أفضل من ذلك؟ فيقول: أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبداً)) [رواه البخاري ومسلم]. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((قال الله عز وجل: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر)) ثم قرأ هاتين الآيتين: تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِىَ لَهُم مّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ [السجدة:16-17].
فيا أيها المؤمنون: المسارعة المسارعة، والمنافسة المنافسة، والبدار البدار بالتقرب إلى الله عز وجل ومحبته تعالى باتباع نبيه محمد صلى الله عليه وسلم فيما أمر به ونهى عنه وزجر، والخوف الخوف من الله تعالى ومن أليم عقابه، والرجاء الرجاء في الله سبحانه وتعالى والطمع في رحمته وثوابه، وعلينا أن لا نأمن مكر الله وغضبه. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه تبارك وتعالى: ((قال الله عز وجل: لا أجمع على عبدي خوفين، ولا أجمع له أمنين، فإن أمنني في الدنيا أخفته يوم القيامة، وإن خافني في الدنيا أمّنته يوم القيامة)).
فعلينا الأخذ بالأسباب وهي الأعمال الصالحة والبعد عن كل ما يسخط الله عز وجل، ومع ذلك نرجو رحمة الله عز وجل لأن الأعمال الصالحة أسباب لدخول الجنة التي لن يدخلها أحد بعمله، أي مقابل العمل الصالح وثمناً لها، وإنما هي الأسباب التي أُمرنا بفعلها والأخذ بها، وإلا فرحمة الله هي فوق ذلك ومنّته وكرمه على عباده، فباءُ الْعِوَضِ غير باء السبب التي وردت في الآيات والأحاديث، وسوف يكون خطب حول هذا وغيره إن شاء الله تعالى.
والحمد الله لاتنسى الدعاء لنا.
أخوكم في الله الوزاني س/ط

الوزاني
عضو
عضو

عدد الرسائل : 16
عدد النقاط : 43055
السٌّمعَة : 4
تاريخ التسجيل : 08/08/2009

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى