شموع مضيئة وراء القضبان

كان يرتدي قميصا أبيض اللون كُتب عليه "باك 2009" عندما نادى عليه أحد مسؤولي سجن الحراش الشهير ليتسلم شهادة النجاح في البكالوريا من يد وزير العدل الجزائري.


اتجهت عيناه إلى والدته التي كانت تلف حول رقبتها وشاحا أمازيغيا، انهمرت الدموع من عينيها، ولم تصدق أن ابنها المحكوم عليه بـ10 سنوات سجنا قضى منها خمسة تفوّق في البكالوريا من خلف القضبان.


إنه الشاب قارة مراد الذي قال في تصريحات لصحيفة "الشروق" الجزائرية إنه اجتاز البكالوريا خمس مرات متتالية، وعندما حصل عليها هذه المرة تفوّق فيها بمعدل 75 %، معربا عن أمله في دراسة الترجمة بالجامعة.


من هذا المنطلق ناشد مراد المسؤولين الاستفادة من الحرية المشروطة لمتابعة دراسته الجامعية، وخاصة بعد أن حصل على تخفيف في الحكم عليه 24 شهرا.


وأوضح مراد أن تجربة السجن أفادته، مؤكدا أن: "أشياء كثيرة تغيّرت في أذهاننا، صحيح أننا أخطأنا، لكن هذا لا يعني أن نستمر في خطئنا.. أريد أن أبني حياة جديدة بعد السجن".


سجين آخر بالحراش -رفض ذكر اسمه- تفوق في البكالوريا، أعرب عن سعادته قائلا: "عندما خرجت من المدرسة وأنا بدون شهادة التعليم المتوسط، احتضنني الشارع، لم أكن أدري يوما أنه سيأتي يوم أكمل فيه دراستي، وأين داخل السجن.. حتى وإن كان عمري 40 سنة، لكني أشعر بسعادة لا توصف؟، ليس لأني استفدت من تخفيف في العقوبة، بل لأني استطعت أن أنجح من داخل السجن".


وفي القسم النسائي بالسجن كرّم وزير العدل المتفوقة في شهادة الإعدادية الفتاة "كنزة" التي أعربت عن عزمها على النجاح في البكالوريا، وأن تبدأ صفحة جديدة لحياة أفضل.