منتدى الأبيض سيدي الشيخ التربوي و التعليمي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

تأملات في آيات الله

2 مشترك

اذهب الى الأسفل

تأملات في آيات الله Empty تأملات في آيات الله

مُساهمة من طرف ابن الواحة الأربعاء يونيو 03, 2009 6:52 pm

(لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون)

سورة الحشر

هذه الآية 21من سورة الحشر وهي سورة مدنية عدد آياتها 24.
والمحور الرئيسي الذي تدور حوله السورة الكريمة هو الحديث عن عزوة بني النضير، وهم اليهود الذين نقضوا العهد مع الرسول صلى الله عليه وسلم فأجلاهم عن المدينة المنورة، ولهذا كان ابن عباس رضي الله عنه يسمي هذه السورة 'سورة بني النضير'.
وكذلك يحدثنا الله في هذه السورة عن الجهاد والفيء والغنائم.
ويثني جل وعلا على المهاجرين والأنصار والذين جاءوا من بعدهم الذين (يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالايمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم).
ويذم سبحانه وتعالى المنافقين الذين حالفوا اليهود واتبعوا الشيطان.
وفي آخر السورة يعظ الله الذين آمنوا بالرجوع إلى أنفسهم يحاسبونها، وبالتفكر في العاقبة في الدار الآخرة حين لا يستوي الفائزون أصحاب الجنة والفاسقون أصحاب النار، وبتعظيم القرآن والخشوع له كما تفعل الجبال لو أنزل عليها التنزيل من الله عالم الغيب والشهادة الذي له الأسماء الحسنى والذي تسبح له السموات والأرض وهو العزيز الحكيم.


فضل سورة الحشر وخواتيمها

وسورة الحشر من السور والآيات الفاضلة التي يوصي المرشد حفظه الله بقراءتها كل يوم.
وهي قبل ذلك من المسبحات التي حثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على تلاوتها صباح مساء.
ولقد ورد في خواتيمها أحاديث كثيرة تذكر من فضلها أنها رقية الصداع، وأنها شفاء من كل داء إلا السأم، وأنها أفضل ما تتعوذ به الإنس من الجن، وأن من قرأها ثم مات من يومه وليلته كفر عنه الله كل خطيئة عملها، وأنه إذا مات من قرأها قبل أن يأوي إلى فراشه مات شهيدا، وذكر الرسول صلى الله عليه وسلم فيما يرويه الديلمي عن ابن عباس أن اسم الله الأعظم في ستة آيات من آخر سورة الحشر.


(لو أنزلنا هذا القرآن)

يقول الله عز وجل (لو أنزلنا هذا القرآن...)الآية مبتدئا سبحانة بـ 'لو' الامتناعية وهذا يدل على أنه لم ينزله على جبل ولم يتصدع منه، وإنما هذا للتمثيل والتخيير، وقد دل عليه قوله عز وجل: (وتلك الأمثال نضربها للناس) والغرض توبيخ الإنسان على قسوة قلبه وقلة خشوعه عند تلاوة القرآن وتدبر قوارعه وزواجره، وبيان علو شأن القرآن، وقوة تأثيره.
وقال عز وجل (هذا القرآن) وفائدة الإتيان باسم الإشارة القريب التعريض بأن القرآن غير بعيد عنهم. وأنه في متناولهم ولا كلفة عليهم في تدبره، (ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر).


(على جبل لرأيته خاشعا متصدعا)

واختار الله الجبل لأنه أشد الأشياء صلابة، وقلة تأثر بما ينزل به. وضرب الله التصدع مثلا لشدة الانفعال والتأثر لأن منتهى تأثر الأجسام الصلبة أن تنشق وتتصدع إذ لا يحصل ذلك لها بسهولة. والخشوع التطأطؤ والركوع، أي لرأيته ينزل أعلاه إلى الأرض.


(وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون)

قال الراغب الأصفيهاني: يقال: مثل الشيء إذا انتصب وتصور، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: "من أحب أن يمثل له الرجال فليتبوأ مقعده من النار". والتمثال: الشيء المصور، وتمثل كذا تصور قال تعالى: (فتمثل لها بشرا سويا) مريم 17. والمثل: عبارة عن قول في شيء يشبه قولا في شيء آخر مشابهة ليبين أحدهما الآخر ويصوره، نحو قولهم: الصيف ضيعت اللبن، فإن هذا القول يشبه قولك: أهملت وقت الإمكان أمرك.
ولكأن الأمثال هنا والتنبيه عليها إشارة إلى أن أولئك بنسيانهم لله وإنسائه إياهم أنفسهم، صاروا بهذا النسيان أشد قساوة من الجبال (ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة) البقرة 74، بل إن الجبال أسرع تأثرا منهم لو كانوا يتفكرون. فإنهم إذا تفكروا في ذلك علموا شرف الجبال عليهم فإن شهادة الله بمقدار المشهود له بالتعظيم كالواقع منه لأنه قول حق، وعلموا إذا تفكروا جهلهم بقدر القرآن حيث لم تظهر منهم هذه الصفة التي شهد الله بها للجبل. وعين وصف الجبل بالخشية هو عين وصفه بالعلم قال تعالى (إنما يخشى الله من عباده العلماء).
وتشهد آيات وأحاديث على خشوع الجبال وخشيتها ومعرفتها بقدر الله ونبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم والقرآن وأهله؛ فقد قال الله عز وجل: ( إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها) الأحزاب 72، ومنها أن الله تعالى لما تجلى للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا. وفي السنة حينما صعد على أحد النبي صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر، وعمر، وعثمان رضي الله عنهم فارتجف بهم، فقال صلى الله عليه وسلم: "اثبت أحد فإن عليك نبي وصديق وشهيدان".
وقال الله تعالى: (وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار وإن منها لما يشقق فيخرج منه الماء وإن منها لما يهبط من خشية الله) البقرة 74.


وتتصدع قلوب الرجال أيضا

وقد وجد لبعض الناس شيء من ذلك التصدع والخشية والخشوع عند سماع آيات من القرآن، من ذلك ما رواه ابن كثير في سورة الطور عن عمر رضي الله عنه قال: خرج عمر رضي الله عنه يعس بالمدينة ذات ليلة فمر بدار رجل من المسلمين فوافقه قائما يصلي فوقف يستمع قراءته فقرأ والطور حتى بلغ (إن عذاب ربك لواقع ما له من دافع) قال: قسم ورب الكعبة حق، فنزل عن حماره وأسند إلى حائط فمكث مليا ثم رجع إلى منزله فمكث شهرا يعوده الناس لا يدرون ما مرضه.
وذكر القرطبي: قال جبير بن مطعم قدمت المدينة لأسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم في أسارى بدر فوافيته يقرأ في صلاة المغرب والطور إلى قوله تعالى: (إن عذاب ربك لواقع ماله من دافع) الطور 7-8 فكأنما صدع قلبي فأسلمت خوفا من نزول العذاب، وكنت أظن أن لا أقوم من مقامي حتى يقع بي العذاب.


وثبت الله قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم
وقيل: الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم، أي: لو أنزلنا هذا القرآن يا محمد على جبل لما ثبت، ولتصدع من نزوله عليه، وقد أنزلناه عليك، وثبتناك له، وقويناك عليه، فيكون على هذا من باب الامتنان على النبي صلى الله عليه وسلم، ومن باب بيان مرتبته وقدره صلى الله عليه وسلم؛ لأن الله سبحانه ثبته لما لا تثبت له الجبال الرواسي.


وقلوب العارفين

وقال ابن عطاء: أشار إلى فضله على أوليائه وأهل معرفته، وأن شيئا من الأشياء لا يقوم لصفاته، ولا يبقى مع تجليه، إلا من قواه الله على ذلك، وهو قلوب العارفين.


اللهم اجعل القرآن ربيع قلوبنا

وإن مع ما في هذه الآيات من شفاء للأجساد شفاء للصدور كما في القرآن جملة (قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور) يونس 57. وذلك لمن التجأ إلى الله، ثم اتبع الخطوات الضرورية ليكون القرآن ربيع قلبه، والخطوات هي التلاوة والحفظ والمداومة، والتأدب بآداب التلاوة والترتيل. ثم تعظيم كلام الله استحضار كلام من هو، والوقوف مع آيات الوعد والوعيد، والانصراف بالكلية إليه وترك الوساوس الدنيوية، وتدبر آيات خاطبت العقل، وأخرى توجهت إلى العاطفة، وأخرى ضربت الأمثال، وأخرى قصت أحسن القصص، وأخرى شرعت حدود الله، وأخرى حذرت من المعاصي، وأخرى حملتنا إلى الآخرة لنشاهد نعيم الجنة وعذاب النار وهو الموقف. كل ذلك يا نفس موجه إليك، أنت المعنية به لا غيرك وهو سبحانه أقرب إليك من حبل الوريد.
ومن المؤمنين من لا تسعفه الدمعة الخاشعة وإن كان القلب لينا. لهؤلاء وصية من رسول الله صلى الله عليه وسلم "ابكوا، فإن لم تبكوا فتباكوا".
وإن روح التلاوة كما هو روح الصلاة الخشوع فيهما. وهذا لا يأتي إلا بصحبة الخاشعين، وبالكلمة الطيبة حين تخالط بشاشتها القلوب. فميزان إيمان كل مؤمن ومؤمنة بينه وبين نفسه ما يجده من خشوع في صلاته وتلاوته. ينظر هل زاد إيمانه أو نقص.
وهذا موكب الأنبياء عليهم السلام وصفهم الله عز وجل بالخشوع في قوله: (إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجدا وبكيا) مريم 58 هذا الأثر القلبي هو ثمرة التلاوة والترتيل والاستظهار والتعظيم.
وسيد هذا المقام نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. طلب إلى ابن مسعود أن يقرأ عليه القرآن، فلما قرأ: (فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا) النساء 41. التفت فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم وعيناه تذرفان. اللهم اجعل القرآن ربيع قلوبنا.
ابن الواحة
ابن الواحة
عضو مميز
عضو مميز

عدد الرسائل : 487
عدد النقاط : 45682
السٌّمعَة : 7
تاريخ التسجيل : 14/02/2009

http://فايس بوك.nadal smahi

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تأملات في آيات الله Empty رد: تأملات في آيات الله

مُساهمة من طرف KAMEL الأربعاء يونيو 03, 2009 9:47 pm

بارك الله فيك

لو جئنا نتمعن في كل آية و نفهمها و ندرك معناها

لعبدنا الله حق عبادته

شكرا الأخ ابن الواحة و بارك الله فيك
KAMEL
KAMEL
المــدير العـــام
المــدير العـــام

عدد الرسائل : 2086
عدد النقاط : 60804
السٌّمعَة : 12
تاريخ التسجيل : 27/05/2008

https://smahi.ahlamontada.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى